My article in al-Quds al-Arabi
An article of mine in Arabic was published in Friday's issue (20 Jan 2006: p. 11) of the London-based Arabic newspaper al-Quds al-Arabi (PDF and Html formats). The article is a review of Yasser Tabbaa's 2001 book The Transformation of Islamic Art during the Sunni Revival (the cover as seen above), which caused many reactions when it was published and still does... The article was written originally for specialists and I tried my best to remake it so it'd be read by the regular readers... I firmly believe that specialists of any field should be open to the general readers and shoud write in all possible languages... I also believe that writing in the Arabic media is a must for specialists in humanities especially those working about Islamic Studies and need to interact with the general public... The topics of Islamic art are rarely debated in the Arabic media and in the rare instances they'd be mentioned they'd be usually discussed from a very superficial manner unworthy of the actual subject...
The article as I said was written for specialists and it's part of a long paper in English I'm hoping to finish one day about the collection of early Quran manuscripts in Raqqada/Qayrawan (Tunisia).... obvisouly after finishing my dissertation...
Anyway enjoy for those who can read Arabic... (the PDF format is the best version since it does not mingle the Arabic and the English words and sentences such is the case below)
tkahlaou@sas.upenn.edu
نقدم هنا تحليلا لمسائل محورية في النقاش الراهن حول دراسة الخط العربي وهو الاختصاص الذي عرف إهتماما متزايدا من جهة مؤرخي الفن الإسلامي في العشريتين الأخيرتين. وفي الواقع فقد دفع تميز موقع الخط في تشكل الفن الإسلامي بشكل عام الي طرح موضوعة أساسية وهي تعريف بنية الخط الفنية في علاقة ببنية الصورة عامة. وهنا يبرز إتجاه محدد في أوساط الباحثين بشحذه الإعتقاد في وجود تماهي ما بين بنية الصورة التشخيصية (أي التي تحاكي عموما معطي موضوعيا أو معطي خارجها) وبنية الخط. سنقوم في هذا الإطار بنقاش أطروحة مؤرخ الفن الإسلامي ياسر طباعة التي عرضها في كتابه الأخير تحول الفن الاسلامي خلال الإحياء السني (Tabbaa, Yasser. The Transformation of Islamic Art during the Sunni Revival. University of Washington Pre: 2001)، والتي تتميز بتبنيها الكامل للقدرات التعبيرية للخط إلي الحد الذي يجعله خازنا للمعاني المؤسسة لظرفيته التاريخية. فهل يمكن المضي في الإعتقاد باختزان الخاصيات المرئية للخط العربي لـ معني (meaning) تاريخي؟ وفي نهاية المطاف، هل من الممكن النظر الي المعطيات المرئية للخط كدوال (signifiers) علي مدلولات (signified) أو أشياء (objects) وبالتالي تعمل ضمن آلية مماثلة لمعطيات الصورة التشخيصية؟ المدرسة الأنقلوسكسونية في تأريخ الفن الاسلاميبشكل عام لازالت الدراسات الامبيريقية في الفن الاسلامي تهيمن علي الانتاج الاكاديمي ضمن هذا الاختصاص، الحديث نسبيا مقارنة ببقية اختصاصات تاريخ الفن. وأعني بذلك تحديدا الدراسات التي لا تسعي بالأساس الي تقديم معالجة نظرية من وجهة نظر إشكاليات تاريخ الفن عموما ولا تنزع بالضرورة لاستخلاص الخصائص المميزة للفن الاسلامي بناء علي منهج نظري محدد. مقابل ذلك تنتصب مدرسة انقلوسكسونية (تلك التي تعتمد بالأساس اللغة الانجليزية في النشر) في تأريخ الفن الاسلامي تسعي لتقديم معالجات نظرية وكان قد أرساها منذ نهاية الخمسينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة علي وجه الخصوص كل من ريتشارد أتينغهاوسن (Richard Ettinghausen) واولق قرابار (Oleg Grabar) (من بين مؤلفاتهم الأساسية: Einghausen, Richard. Arab Painting. Geneva: 1962; Grabar, Oleg. The Formation of Islamic Art. Yale University: 1973; Idem. The Mediation of Ornament. Princeton: 1989.). ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة، حيث شهدت الجامعات الامريكية نهضة حقيقية في اختصاص تاريخ الفن عموما اثر نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك بتأثير جيل كامل من مؤرخي فن أوروبيين (خاصة ألمان ونمساويين) هاجروا الي الولايات المتحدة. وفي هذه الفترة علي سبيل المثال كان أهم مؤرخي الفن في العالم وخاصة أولائك الذين سيؤثرون منذ نهاية الحرب العالمية الثانية علي المسار النظري والمنهجي لتاريخ الفن حتي المرحلة الراهنة يُدرّسون في الولايات المتحدة مثل اروين بانوفسكي (Erwin Panofsky) وجورج كوبلر Georges Kubler واتينغهاوسن نفسه بالمناسبة كان من بين مؤرخي الفن الألمانيي الأصل الذين هاجروا خلال ثلاثينات القرن الماضي الي الولايات المتحدة. وبشكل عام وبالرغم من بعض الاختلافات بين اتينغهاوسن وقرابار فإن الاتجاه العام لمقارباتهما يقترب من المنهج الايكونولوجي (Iconological Aroach) الذي أرساه الباحث الألماني ابي واربورغ (Aby Warburg) من خلال دراساته عن عصر النهضة الاوروبية التي كتبها بين نهاية القرن التاسع عشر وعشرينات القرن العشرين، وقد طور هذه المقاربة مجموعة من تلاميذه خاصة اروين بانوفسكي والذي تكونت علي يديه ويدي تلاميذه أجيال من الباحثين في الولايات المتحدة ومراكز أكاديمية أخري في العالم الغربي. وتتمثل الخاصية الأساسية لهذه الرؤية في اعتبار أي منتوج فني أو معماري جزء من ثقافة مرئية كلية يجب تفسيرها ضمن الخصائص العامة للظرفية التاريخية التي تندرج ضمنها وخاصة المشهد الثقافي لأي مرحلة تاريخية معينة. وعلي سبيل المثال تفترض هذه المقاربة أن لوحة فنية من عصر النهضة المبكر (أي القرن الخامس عشر) تحتوي بشكل أو باخر المعاني التي تميز عقل النهضة المبكر. وقد كان لهذا المنهج استتباعات عميقة منهجيا حيث دفع في اتجاه تحرير التحليل الفني أو المعماري من الضيق الذي يميز الخطاب الوصفي والتنميطي (typological) ومهام تحديد الأصل الكرونولوجي للعمل وهوية الفاعل الفني، تحريرها من ذلك الي مساحة اكثر اتساعا تجعل من اختصاصات متنوعة مثل تاريخ الأدب والعلم مصادر مفتوحة أمام مؤرخ الفن تسمح بتشريح أعمق للمعطي الفني/المعماري. وليس من الصدفة أن تزامن ذلك عالميا مع توجه عام في الدراسات التاريخية نحو تنويع المصادر المكتوبة والامتناع عن التوجه التقليدي في التركيز علي التاريخ السياسي وهو ما عُرف في الحقل الاكاديمي التاريخي في فرنسا مثلا باسم مدرسة الحوليات (L'?cole des Annales). وهنا يجب توضيح مسألة أساسية: لا تنزع هذه المقاربة للتهويم النظري الذي يبني النماذج المجردة بشكل يتجاهل الدراسات الامبيريقية حيث تؤكد هذه الرؤية علي البعد المركزي للمرحلة الامبيريقية (و هي الدراسة الإيكونوغرافية Iconography في هذه الحالة) الي الحد الذي يتهمهم فيه الكثيرون بنسيان المرحلة الثانية أي مرحلة التعميم النظري. غير أنه من الضروري الإشارة الي أن وجود مدرسة أنقلوسكسونية مثل هذه لم يكن يعني تفردها في الساحة الاكاديمية الانقلوسكسونية، والتي تحتوي علي مواقف أخري (سواء وضعية لا تغامر نظريا أو لاتاريخية مفرطة في التنظير) ولو أنها ليست مهيمنة بقدر المدرسة التي أرساها اتينغهاوسن وقرابار.حول الشواهد المرئية علي الاحياء السني يمكن النظر مبدئيا الي ياسر طباعة ضمن المدرسة الانقلوسكسونية المذكورة أعلاه، بالرغم من انتقاداته الجانبية لبعض آراء قرابار. فقد أنجز سنة 1982 رسالته في الدكتوراة في جامعة نيويورك (New York University) تحت إشراف ريتشارد اتينغهاوسن. وكان طباعة صريحا في علاقة بالمقاربة التي اعتمدها في كتابه: حيث قام في المقدمة بالاشارة الي المدرسة الايكونولوجية كإطار منهجي لدراسته. فهل كان ياسر طباعة إيكونولوجيا فيما طرحه في كتابه الأخير؟ يطرح الكاتب الحجج الأولية لأطروحته منذ الفصلين الأول والثاني. ففي الفصل الأول يقدم تلخيصا للأطروحة التاريخية حول الاحياء السني من خلال عرض تاريخي للتاريخ المذهبي أساسا في المجال الجغرافي السلجوقي خاصة خلال القرن الحادي عشر ميلادي. ويلاحظ بوضوح أن قراءته مشروطة أساسا بالوعي بمثل هذه الظرفية التاريخية. وفي الفصل الثاني يعاود استرجاع نتائج دراسة ان ابوت (Ann Abbot الاستاذة في جامعة شيكاغو في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي) في التأريخ للخط العربي والتي ارتكزت علي رواية المصادر المكتوبة، مما جعلها تقدم تاريخا بطوليا يركز علي الدور المحوري لشخصيتي ابن مقلة وابن البواب. وهكذا تم في هكذا دراسات إعادة إنتاج رواية النصوص المكتوبة من وجهة نظر المؤرخ التقليدي والتي تتمحور حول مركزية دور الوزير والكاتب العباسي إبن مقلة (ت سنة 940 م) في تطوير الخط العربي بشكل عام من خلال قراره المتعلق بتعميم قواعد الخط المنسوب (و الذي يقع عموما تعريفه فنيا من خلال الخط النسخي ) عبر قرار إداري ورسمي. وهكذا فإن أولي نماذج الخط النسخي التي نعرفها والتي تتمثل في مخطوط قرآني (محفوظ الآن في مكتبة دبلن ـ إرلندا) نسخه الكاتب المشهور ابن البواب (توفي سنة 1022 م) يقع ربطها بالقرار والقواعد التي أرساها ابن مقلة والتي ليس لدينا علي كل حال أي شواهد مرئية عليها حيث لا يُعرف لابن مقلة شواهد مؤكدة عن خطه. وعموما قام الكثير من الدارسين باستنساخ التصور التركيبي الذي قامت به ان ابوت للخط المنسوب بناء علي نصوص وصفية عنه في المصادر المكتوبة (و ليس المرئية). ولكن بالاضافة الي ذلك يقدم طباعة إضافة تتمثل في التركيز علي ظرفية الصراع المذهبي التي أحاطت بتحولات الخط العربي. حيث يلفت الانتباه بشكل خاص الي إشارة المصادر الي أن قرار ابن مقلة أتي علي خلفية تداول نسخ مصحفة من القران (بالأساس لا تعتمد الشكل والتنقيط) بين الأوساط الشيعية في بغداد وهو ما كان علي ما يبدو مدخلا لتفسيرات متباينة لبعض الآيات القرانية. وقد دفع ذلك ابن مقلة (و مؤسسة الخلافة العباسية من ورائه) للقيام بإصلاحات هدفها الرئيسي (كما يؤكد طباعة) توضيح الكتابة القرآنية بهدف تفادي أي تباينات مذهبية في القراءات. وهو ما تم تأكيده وتحسينه من خلال جهود ابن البواب بعد حوالي القرن من اصلاحات ابن مقلة. وهكذا منذ الفصل الثاني تتبين الأطروحة الرئيسية لطباعة: ليس ظهور الخط النسخي مجرد تحول شكلاني وجمالي في الخط العربي بل هو تعبير مرئي عن استفاقة للرؤية السنية التي تركز علي التمسك بالنص القرآني كما هو. وبالتالي فإن أهم الخصائص المرئية للخط النسخي (كما يعبر عنه بجلاء نموذج القرآن المكتوب بخط ابن البواب) ليس شكله الدائري (علي الضد من الشكل التربيعي والحدي للخط الكوفي ) فحسب الأهم من ذلك طبيعته الخالية من الغموض وبالتالي قابليته العالية للقراءة. هذا في الواقع النصف الأول للشواهد المرئية علي أطروحة ياسر طباعة والتي تجد تكملتها المنطقية في تحديد التعبير المرئي المضاد للرؤية المذهبية المقابلة غير النصية اي الرؤية الشيعية، وهي محور الفصل الثالث. لكن هنا لا يقدم قراءة لمادة مماثلة (أي الخط المكتوب علي الورق) بل يركز علي نموذج النقائش (Epigraphy) (أي الخط المكتوب علي دعائم صلبة سواء كانت حجرية أو خشبية أو معدنية) والتي تتميز بطابعها المكشوف أو المُعلن للمشاهِد. ومن خلال الاستفادة من الدراسات الامبيريقية الكثيرة حول النقائش الفاطمية يشير الكاتب الي توافق الباحثين حول تميز المجال الفاطمي/الشيعي بظهور وانتشار خط مغاير لما كان يروج في المركز العباسي وهو الكوفي المُزهّر (أولي النقائش المعروفة التي يظهر فيها هذا الخط توجد في جامع الأزهر ومؤرخة سنة 972 م). ويمضي طباعة الي ملاحظة الطابع الزخرفي الطاغي علي هذا الخط والذي يهمش الوظيفة الأساسية للنص (أي بوصفه مادة للقراءة) حيث يصعب تمييز الحروف ويبدو الهدف الرئيس من نص مكتوب بهذا الخط إخفاء النص وليس توضيحه، أي عكس أهداف الاصلاح العباسي/السني كما بدأه ابن مقلة وواصله ابن البواب. وهنا يقوم طباعة باستخلاص عام يعتبر أن هذا التميز الخطي في المجال الفاطمي/الشيعي ينسجم مع القراءة الشيعية للنص القرآني والتي (أولا) تفصل بين الظاهر و الباطن في النص و (ثانيا) تعتبر النص الظاهر ثانويا مقابل النص الباطن"، ومن هنا يأتي المصطلح الفقهي الملتصق بالرؤية الشيعية المذهب الباطني . فلا تعكس النقائش المحفورة بالخط الكوفي المُزهّر والمنتشرة في المجال الفاطمي/الشيعي، بالنسبة لطباعة، مجرد تطور في اتجاه زخرفة شكلانية مفصولة عن الظرف الفكري بل تعبيرا مرئيا عن رغبة العقل الباطني الشيعي في تجاوز ظاهر النص. في الواقع لا نخفي إعتقادنا في أهمية وعمق حجج طباعة آنفة الذكر. غير أن هناك ما يكفي من المعطيات للتشكيك في منحاها الإطلاقي.دراسة الخط العربي(Arab Palaeography)ينقد ياسر طباعة في مقدمته المنهج أحادي الرؤية (حسب تعبيره) في دراسات الفن الاسلامي وخاصة تلك المتعلقة باختصاص دراسة الخط العربي حديث النشأة، مشيرا خصوصا الي أبحاث مثل تلك التي قام بها الباحث الفرنسي فرانسوا ديروش (Francois Deroche). وفي الواقع فإن أعمال باحثين مثل ديروش (من أهمها : The Abbasid Tradition. Oxford University Pre: 1992)، بين أواخر الثمانينات وحتي الان كانت ريادية في التأسيس لأول مرة لقواعد منهجية ناجعة في دراسة ظاهرة أساسية في الفن الاسلامي مثل الخط، حيث قام بالتعامل مع الخط كمعطي موضوعي مثله في ذلك مثل أي معطي موضوعي ومادي اخر كالعمارة أو المسكوكات أو التصوير. ومقابل التأريخ للمعطيات المرئية (مثل الخط) بالاعتماد أساسا علي المصدر المكتوب (و ليس المرئي) قام ديروش بانقلاب منهجي ينطلق بالأساس من المعطيات المرئية ليستعين بما يتوفر من معلومات المصادر المكتوبة. وقد استعان في ذلك بالقواعد المنهجية التي تم إرساؤها في علم دراسة الخط عموما وخاصة الخطين اللاتيني والإغريقي أي علم الباليوغرافيا والذي يرجع الي قرون سابقة. وهكذا عوض التعامل مع الخط العربي كشكل زخرفي أو كـ Calligraphy قام ديروش بالتعامل معه كمنتج كان يخضع لقواعد دقيقة أكلها النسيان في الفترة المعاصرة، ولا يمكن الاعتماد علي النصوص الوصفية النادرة التي ترد في المصادر المكتوبة لأجل إعادة اكتشافه بل يجب التوجه والتركيز علي ملايين النماذج المتوفرة في مكتبات العالم وتقرير الخصائص الفعلية للخطوط أو الأقلام العربية علي أساس تمظهراتها المرئية. غير أن طباعة أعاد التركيز علي المنهج التقليدي لآن ابوت من خلال تحليل الخط بشكل أساسي بالإستناد الي المصادر المكتوبة وليس علي دراسة دقيقة للشواهد المرئية. غير أن التعميم النظري علي المعطيات القليلة الموجودة وتحديدا علي المصادر المكتوبة (بعكس المرئية) سيكون في هذه الحالة مبنيا علي أسس غير مؤكدة. وبمعني آخر لم تتميز المدرسة الانقلوسوكسونية المذكورة أعلاه، مثلما يفعل ياسر طباعة، بالتقليل من أهمية هكذا دراسات موضعية بقدر ما كانت تستفيد منها بانتظام كما تثبت مثلا الحفريات الأثرية التي قام بها قرابار للقصور الأموية أو دراسته المرجعية لمقامات الحريري. وهذه المحدودية علي مستوي العمل الميداني الدقيق يمكن أن تؤدي الي منهجية إنتقائية علي مستوي إختيار الأمثلة. نموذج صناعة الخط في المغرب الاسلامي: احياء سني ... ولكن بخط كوفي من الضروري القيام بملاحظات أولية في علاقة بالظرفية التاريخية المبررة للأطروحة أعلاه أي ظرفية الإحياء السني": أولا، تشير بحوث حديثة الي أن نظرية الاحياء السني تجنبت التعمق في المؤشرات الواضحة خلال القرن الخامس هجري علي وجود تنافس سني-سني ربما يكون أكثر حدة في بعض المواضع من التنافس الشيعي السني. ثانيا، يبدو هناك غموض في علاقة بالتوزيع الجغرافي للـ احياء السني ومدي تناسبه مع تراجع شيعي : حيث ليس من الواضح إن كانت بغداد مثلا (حيث درّس كل من الغزالي والجُويني) مجالا للاحياء السني فقط، حيث لازال المجال الشيعي فيها خلال تلك المرحلة غير مدروس بالشكل الكافي، خاصة في ظل هيمنة المصادر الإخبارية السنية المقربة من السلاجقة. من جهة أخري مازالت بعد الدراسات الخاصة بالمجال الفاطمي ( الشيعي افتراضا) لم تحسم أهمية وضع المدارس السنية فيها. ثالثا، وهي في رأينا النقطة الأقل حظوة بالنقاش، تعتمد رؤية الإحياء السني بالأساس علي دراسات تركزت خاصة علي منطقتي العراق وسورية بفعل تخصص المؤرخين الذين صاغوها في ذلك المجال الجغرافي، وهكذا فهي لم تعتمد علي دراسات مماثلة في التعمق في مجالات أخري خاصة المغرب الاسلامي والأندلس.و لازالت مواقع عديدة من المجال الجغرافي الواسع للفن الاسلامي تحتاج لدراسات موضعية دقيقة خاصة وأنها تزخر بالكثير من المعطيات التي تدل علي دورها المفصلي في التأريخ للفن الاسلامي والذي لا يقل عن الدور الذي لعبته مواقع أخري كثيرا ما تركز عليها الدراسات مثل العراق والشام. من ضمن أكثر المواقع التي تجتمع فيها مفارقة الثراء الفني وقلة الدراسة هي مجال المغرب الاسلامي. وبالرغم من الحظوة التي تلقاها بعض المواقع والمعالم المعمارية مثل القيروان (بما في ذلك جامع عقبة ) وفاس (بما في ذلك جامع القرويين ) فإن مظاهر فنية أخري لاتقل أهمية لاتحظي باهتمام مماثل، ويتعلق الأمر خاصة بصناعة المخطوط وتحديدا مسألة صناعة الخط . وبالرغم من ذيوع صيت نماذج القرآن الأزرق Blue Quran، والذي يقع عموما النظر اليه ضمن التقاليد الفنية للمغرب الاسلامي، فإن المخطوطات التي تم انتاجها في هذه المنطقة لازالت غائبة عن ذهن معظم الدارسين باستثناء بحوث قليلة جدا (مثل بعض دراسات جورج مارسي وإبراهيم شبوح).إن مخزون جامع القيروان يسترعي انتباها خاصا (توجد هذه المخطوطات ضمن مجموعات مركز رقادة للمخطوطات الاسلامية تحت إشراف الباحث مراد الرماح والذي تفضل مشكورا بالسماح لنا بالاطلاع علي الكثير من صور مخطوطاتها). ففي هذه المجموعة توجد ستة مخطوطات قرآنية نري أنها محورية في نقاش أطروحة ياسر طباعة. وفي هذه الحالة لدينا ستة نماذج لا تتميز فقط بكونها مؤرخة بل أننا نعرف من خطها أو لمن تمت كتابتها (أي الراعي) وهو في نفس الوقت من أوقفها علي مكتبة الجامع. وفي الجملة فهي من المخطوطات النادرة التي نستطيع تأريخها بفضل تاريخ الوقف الظاهر عليها والذي ينحصر بين نهاية القرن العاشر وأواسط القرن الحادي عشر والذي نقدر أنه قريب جدا من التاريخ الفعلي إنجازها. كما أننا هنا لسنا بصدد نماذج نقائشية (مثلما هو الحال مع الأمثلة المقارنة التي قدمها طباعة) بل بصدد نماذج مخطوطة مثلها في ذلك مثل النماذج المخطوطة المشهورة المعاصرة لها وتحديدا القرآن الذي خطه ابن البواب في بداية القرن الحادي عشر وهو نموذج محوري في الأطروحة أعلاه. وفي النهاية فإننا هنا بصدد ظرفية تاريخية وجغرافية مشبعة بالنزاع المذهبي (السني ـ الشيعي) وذلك في إطار نزاع سياسي (الزيري-الفاطمي) معلن وخفي في آن واحد مشابهة من وجوه عديدة ومعاصرة لما كان يحدث في المشرق. الأكثر من ذلك أن عددا من هذه المخطوطات تم إنجازه برعاية من شخصيات إما من أسرة الأمير الزيري المعز بن باديس (مثل فاطمة مرضعته أو أم ملال عمته) أو من رجال الدولة وأعيانها (مثل القاضي أحمد بن عمران البلوي) أو من قبل المعز نفسه وذلك في فترة متقاربة جدا تطرح تساؤلات عن تنافس داخلي في الأسرة الحاكمة في القيروان (السنية بشكل متعاظم منذ بداية القرن الحادي عشر) لإنجاز مخطوطات قرآنية ضخمة ومن ثمة إستعراضية حيث كانت موجهة للمشاهدة العامة من خلال توقيفها علي جامع القيروان. المثير في الأمر كله أن أربعة منها كُتب بخط كوفي (وعلي الورق ذي المقطع الطولي oblong المميز لكثير من المخطوطات المبكرة المغرب الإسلامي) وإثنين منها بما يُطلق عليه الخط الريحاني وهو خط علي ما يبدو محلي وقريب جدا من الخط الكوفي . أكثرها أهمية هو مخطوط أوقفه علي الجامع الأعظم الأمير المعز بن باديس بنفسه وذلك مباشرة بعد تفجر صراعه مع الخلافة الشيعية في القاهرة وتمرده الرسمي عليها بدعم من علماء الدين السنة ذوي النفوذ المتعاظم في القيروان وذلك بعيد سنة 1048 ميلادية. من الضروري الإشارة هنا إلي أن المعز كان من أشهر رجال الدولة إهتماما بصناعة المخطوطات حيث وضع في هذا الباب مؤلفا خاصا وفريدا ذاع صيته فيما بعد. وفي كل الأحوال نحن هنا، وبعكس ما تشير اليه الأمثلة المعاصرة لياسر طباعة، في ظل حالة سنية متعاظمة تستعدي الشيعة (كما تدل علي ذلك المواجهات المذهبية العنيفة التي حصلت آنذاك في القيروان) ولكنها تزخر في المقابل بإنتاج مخطوطات بالقلم الكوفي"( نأمل أن نتعرض في مناسبة قريبة بشكل مفرد وخاص الي مجموعة المخطوطات القيروانية). إعتباطية الدلالة المرئية للعلامة اللغوية كان الأديب والناقد الألماني قوتولد ليسينغ (Gohold Lessing) (1729 ـ 1781) من أبرز من ساهموا في صياغة النظريات الحديثة للفن. وبالرغم من عدم تخصصه في موضوعات تاريخ الفن إلا أن رده في كتابه لاكون (Laocoon) علي أطروحات مواطنه يوهان فينكيلمان (Johann Winckelmann) (1717-1768)، وهو المؤسس الفعلي لتاريخ الفن (بمعناه الحديث)، الخاصة بطبيعة العلاقة بين الفنون المرئية (visual arts) والأدب وتحديدا الشعر كان علامة بارزة في الجهد التنظيري الذي رافق التأريخ للفن. كانت الإضافة الجوهرية في كتاب لاكون هي الإعتراض علي فكرة التماهي (المتضمنة في مواقف فينكيلمان) بين بنية اللغة (بما في ذلك الشعر) وبنية الفنون المرئية عامة (سواء كانت تصويرية أو تشكيلية ـ نحتية) علي أساس الإختلاف الجوهري في الحواس البشرية المحددة لكل منهما (السمع مقابل الرؤية). وكانت الخلاصة الأساسية لذلك جوهرية في النظريات اللغوية والفنية الحديثة: ففي حين تكون العلامة اللغوية (الدال) في علاقة إعتباطية مع المعني (المدلول)، وهي بذلك علامة اعتباطية (arbitrary sign)، فإن العلاقة بين العلامة المرئية الفنية (الدال) والمعني أو الواقع هي علاقة محاكاة للأصل الموضوعي وتكون العلامة بذلك طبيعية (natural sign). وقد كانت هذه الفكرة أحد أسس نظريات الألسنية الحديثة فيما بعد خاصة في كتابات إميل بينفنيست (Emile Benveniste) (1902 ـ 1976). إن هذا النقاش القديم شديد الأهمية في المسائل الراهنة والخاصة بتحديد ماهية جمالية الخط العربي. وتتميز هذه الإشكالية بتعقيد خاص حيث يتعلق الأمر في الآن ذاته بعلامة لغوية (ذات بعد سمعي أساسا) ولكنها أيضا مرئية ومن ثمة تختزن إمكانية فنية. غير أن أطروحة طباعة أعلاه تتعامل مع الخط العربي من زاوية أحادية من خلال التركيز علي طبيعته المرئية ومقللة أو حتي متناسية بذلك طبيعته اللغوية. إن النقطة التي يجب التأكيد عليها هنا هي إعتباطية العلامة اللغوية بشكل عام بما في ذلك الحرف العربي. وهي إعتباطية مزدوجة حيث هي كذلك في علاقة الصوت الخاص بكل حرف (أو مجموعة حروف) بالمعني، كما هي اعتباطية في علاقة شكلها المرئي وصورة الحرف (من ثمة الكلمة) بالمدلول. هذه الإعتباطية البديهية للحرف (و من ثمة الخط) تفرض شروطا علي قدراته التعبيرية رغم أن ذلك لا يعني إستيلابا لقدراته الجمالية التجريدية. إن مثال صناعة الخط في المغرب الإسلامي يمكن أن يؤكد علي أن الطبيعة الإعتباطية للخط يمكن أن تكون أكثر تأثيرا في تفسير خصائصه الجمالية، وعلي أن العلاقة بين الظرفية الدينية-المذهبية وأشكال خطوط القرآن مثلا لا يمكن أن تكون ميكانيكية. وإذا كان هناك معني منعكس في الخاصيات المرئية (بتأثير ظرفية تاريخية محددة) فلا يجب أن يكون خاصا بالمحتوي. إن عامل الإنجذاب الجمالي المحض (لخط تربيعي مثلا مقابل خط مدور) هو نقطة يجب أن يقع أخذها بالإعتبار وإمتحانها مقابل عامل الإنجذاب المذهبي السياسي علي سبيل المثال. وفي عالم الانجذاب الجمالي المحض فإنه ليس هناك ما يجب أن يمنع إختلاط الأوراق المذهبية مما يؤدي الي إنجذاب قضاة سنة بنفس قدر قضاة الشيعة في شمال إفريقيا (المغرب ومصر) للخط الكوفي ـ الباطني في نفس الوقت الذي دفعت فيه المؤسسة العباسية/ السنية في بغداد بالخط النسخي ـ النصي الي صدارة المشهد الفني. إذا كان هناك إختزان في العلامة اللغوية (من جهة تشكلها المرئي) للظرفية السياسية التي ظهرت فيها فهو بالتالي إختزان للمنحي الجمالي المهيمن في تلك الظرفية وليس لمعانيها السياسية والمذهبية المباشرة. من الناحية المنهجية العامة تصبح المدرسة الايكونولوجية في هذه الحالة في حاجة الي بعض التعديلات لتفسير هكذا ظواهر. وعلي سبيل المثال يمكن إعتبار الإضافات المنهجية (الأنقلوسكسونية ايضا) التي قدمها منذ سبعينات القرن الماضي باحثون مثل مايكل باكساندال (Michael Baxandall) وسفيتلانا ألبرز (Svetlana Alpers)، المتمحورة خاصة علي أهمية الظرفية المرئية (visual context) تحديدا وليس فقط الظرفية التاريخية ـ الثقافية بشكل عام في تفسير العمل الفني، أدوات ناجعة لدراسة الخط العربي. وفي حالة الأعمال الفنية المتعلقة بالخط العربي، عوض أن يكون تأثير الظرف التاريخي آتيا أساس (أو فقط) عبر المصادر المكتوبة أو الشفوية (بالتحديد تلك المتعلقة بمعاني مذهبية وسياسية معينة) المعاصرة للعمل الفني، تصبح المصادر المرئية وخاصة الأذواق الاستيتيقية الفنية المحضة (أي اللا مذهبية واللا سياسية أو الخالية من المعني) المعاصرة لأي عمل فني من بين أكثر العوامل المُشكلة له. بالإضافة الي ذلك، وفي مثال العالم الاسلامي في القرن الحادي عشر ميلادي، يبدو أن هناك تمايزات جغرافية في الظرفية المرئية... أو بمعني آخر هناك ظرفيات مرئية مُحددة جغرافيا وبالتالي ظرفيات مختلفة تفسر بدورها إختلاف الاتجاهات الرئيسية في رسم الخط العربي.
1 Comments:
Very thoughtful! well done ;)
Post a Comment
<< Home